top of page
Search
Admin

نصير شمّه يُبكي العود... ويتعاون مع فنانة كبيرة من لبنان!

يجلس، يحضن عوده، ويعتصر منه أجمل ما في الوجع والألم، الحب والشوق، أروع كلمات الموسيقى. غريبٌ ما يخرجه الفنان العراقي نصير شمّة من آلة العود! مؤلّفاته الموسيقية سامية كالقضايا التي تحملها، صارخة غاضبة متفجّرة كشوق مياه النهر لتراب الأرض. عازف العود صاحب الكاريزما المميّزة، يثير بأنامل يديه الاثنتين أحاسيس أوتار العود ويوصلها إلى ذروة النشوة عازفاً بيسراه فقط، ينظر إلى الأرض طيلة الوقت، مرتقياً نحو عالم ذاته، لا يلتفت إلى الجمهور المنسجم المسلطن والمنطرب. حتى حين يقف ليشكر الجمهور، ينظر نحوه بخجل ويحني رأسه. ينظر إلى الأسفل، ويحلّق بنا إلى أعلى طبقات النغمات والسلطنة.

موهبة، إبداع، علم، تمرين، ثقافة، إنسانية، مبادئ وقناعات وقضايا خاصة... مكوّنات عازف العود العراقي العالمي نصير شمة. لمؤسس «بيت العود العربي» في القاهرة مئات المؤلفات الموسيقية والحفلات الفنّية في عدد من الدول العربية والغربية، وعشرات الجوائز التقديرية والتكريمية العربية والعالمية.

قضية وراء كلّ مقطوعة موسيقية كان للجمهور اللبناني وللعراقيين المتواجدين في لبنان أخيراً فرصة الاستمتاع بأمسية موسيقية ما من كلمة تعبّر عن روعتها، جمعت المؤلف الموسيقي نصير شمّة والأوركسترا الوطنية اللبنانية للموسيقى الشرق-عربية بقيادة المايسترو أندريه الحاج في قصر الأونيسكو في بيروت حيث كان برنامج الأمسية الكامل من تأليف شمّة وتخلّلته تحيّة لفليمون وهبه. الأصوات التي صدحت من المسرح الممتلئ «ألله» خلال عزف شمّة منفرداً أو مع الأوركسترا، كفيلة بنقل صورة تلك الأمسية. نصير شمّة الذي برع بالتلوين على آلة العود قدّم في تلك الأمسية: «من الذاكرة» (اعداد اندريه الحاج)، «بياض»، «غداً أجمل» (اعداد وليد بو سرحال، تحيّة لفيلمون وهبه، «على حافة الألم» التي ألّفها تحيّة لصمود المرأة الفلسطينية، «طاب صباحك بغداد»، «اشراق» و«العامرية». وبعد انتهاء الحفل الذي حضره وزير الثقافة اللبناني والسفير العراقي أمضى نحو الساعة يستقبل المهنّئين والمحبين من فنانين وشخصيات من لبنان والعراق، ولم يبخل بقبول التقاط الصور مع كلّ مَن أراد حفظ ذكرى حضوره حفلاً تاريخياً لفنان سـ«يُعلِّم» بالتاريخ. وكان لـ«الجمهورية» حديث سريع مع الفنان الهادئ، الخجول والمتواضع، الذي يبني مؤلفاته الموسيقية وفق قضية معيّنة. ويقول «العمل الموسيقي عندما يكون مبنياً على أسس ينجح ويستمرّ، والأسس هي الانسان، الواقع، حياتنا، المرأة، الطفل... والكثير غيرها، كما من المهمّ كيفية تناول هذه الموضوعات من كلّ شخص، كيفية انتصار الفنان للضعيف، كيف يقف مع المظلوم والمهمّشين... وكلّ ذلك ينعكس في العمل الموسيقي»، مشيراً إلى أنّ «الأعمال الكبيرة التي عاشت على مرّ سنين وعقود وقرون كلّها كان عامودها الفقري الفكرة الأساسية، وبالتأكيد يجب أن ينوجد وراء الفكرة موهبة وابداع». تعاوُن مع فنانة لبنانية وهل إنّ موهبته هي سبب تميّزه في ميدان قلائل مَن استطاعوا تحقيق هذه الشهرة الواسعة من خلاله؟ يبتسم ويجيب بيقينٍ «الموهبة لا تكفي، ومهما كانت عظيمة تنطفئ إذا لم يكن وراءها علم ودراسة وثقافة، والأهم من كلّ هذه العوامل هو التمرين المتواصل... ومتى شعر العازف أنه وصل يكون قد انتهى، يجب دائماً أن يشعر أنّ كلّ حفل هو حفله الأول، وكلّ تجربة يجب أن يعمل عليها كعازف جديد، وهذا النَفَسُ هو ما يجعل الموهبة تُسخَّر بطريقة صحيحة». ويؤكّد «يجب أن يبقى عند الفنان دائماً هاجس التجديد وهاجس عدم الرضا... عدم الرضا على الذي حقّقه، وأن يكون لديه طموح بأن يقدّم الأفضل وأن يعمل كي يكون أفضل...» وهل ممكن أن يكون الحفل الرائع الذي قدّمته مع الأوركسترا أفضل مما عشناه؟ من دون تردّد، يجيب «بالتأكيد يمكنني أن أقدّم أفضل من ذلك، وإن لم أستطع فذلك يعني أنني توقفت...» إلى جانب مؤلّفاته الموسيقية، تعامل نصير شمّة مع عدد من الفنانين، مثل صباح فخري وميادة الحناوي، ولطفي بوشناق وغيرهم من الفنانين في عمل «يا قدس»، وقدّم عملين للطيفة التونسية واحد عاطفي والثاني وطني، كما تعامل مع خالد سليم، أسماء المنور، ماجد القاسم وغيرهم. ويقول شمّة «غنّى الكثير من الفنانين من أعمالي، ولكن أنا اخترت موضوعات الأعمال». ويعلن عبر «الجمهورية» أنه بصدد التحضير لمشروع كبير مع فنانة كبيرة من لبنان، متحفِّظاً عن ذكر الاسم، مؤكّداً «إن تمّ الاتفاق، سنعلن عن الاسم والتفاصيل...». وعن وقوع خياره على الفنان اللبناني الكبير الراحل فليمون وهبه ليقدّم تحية له، يقول «لأنه فنان عظيم وكبير وأصيل، يشبه أرضه وترابه»، ويلفت إلى أنه قد سبق أن قدّم لفليمون وهبه تحية منذ سبع سنوات في دار الاوبرا في سوريا، وعام 2000 في باريس، كما في مصر وبغداد... ويقول «أشعر أنه روح الأغنية الأصيلة في لبنان».

المصدر: الجمهورية

bottom of page