في رحلة عبر التاريخ قادمة من الأندلس، وموسيقى نابعة من أقدم الحضارات الإنسانية، يستضيف مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي، في الفترة من 13 إلى 15 ربيع الآخر الجاري (20 إلى 22 كانون الأول/ ديسمبر الجاري)، عازف العود العراقي نصير شمّه لأول مرة في المملكة.
ويقدّم شمّه أول أوركسترا للعود في المملكة، تشمل 35 عازفاً، إذ يفاجئ الجمهور بثلاث حفلات موسيقية من تأليفه على مسرح «إثراء»، إذ تأتي أوركسترا العود من مدارس بيت العود الموسيقية المكرّسة لتوفير أسس تمكِّن الطّلاب ليصبحوا عازفين فرديين، ولتخريج موسيقيين على مستويات فنّية عالية تؤهلهم للانضمام إلى الساحة الموسيقية عالية القيمة، بهدف تعزيز الثقافة العربية عبر العالم، وقدّم المركز لأول مرة دورات متخصصة يقدمها الفنان شمّه لعازفي العود للارتقاء في مستوى عزفهم.
وقال نصير شمّه: «العود ليس فقط آلة موسيقية، بل يمثّل تراثاً ثقافياً عظيماً، والحفلات التي سأقدمها في المملكة هي أكثر من عروض موسيقية، فهي جولة ثقافية من الماضي إلى الحاضر».
وأعتبر وجوده في المملكة لأول مرة «إنجازاً عظيماً»، وتطلع إلى «مشاركة شغفي بالموسيقى مع الجمهور على مسرح إثراء، إذ يمثّل هذا البرنامج الموسيقي حياة تبني غيرها، وأرواح يُعاد بعثها، وعالم متفاعل مع الأنغام أستمتع به مع الجمهور».
وشهدت عملية إنشاء نصير شمّه أول بيت للعود العربي في كل من القاهرة وأبوظبي، رجوع قوس العود بعد اختفائه في بحور التاريخ وظهوره فقط مع الكمان والتشيلو، إذ أجرى بحوثاً على الآلة وتطويرها، وابتكر آلة عود بثمانية أوتار من وحي مخطوطة العلّامة الفارابي، صاحب مؤلفات عن علم الموسيقى؛ ليوسِّع من النطاق الموسيقي للآلة العربية، إضافة إلى ابتكار طرق ليسهِّل على الأطفال والمحاربين القدامى ذوي الاحتياجات الخاصة عزف العود والاستمتاع به باستخدام يد واحدة فقط.
ووُلِدَ شمّه عام 1963 في مدينة الكوت العراقية الواقعة على ضفاف نهر دجلة، وبدأ في إجادة العود في عمر الثانية عشر، وحصل على لقب «سفير الشرق إلى الغرب» من وزارة الثقافة الألمانية، وكرّمه معهد الفكر العربي بجائزة التميز الفنّي، وأنشأ مشاريع عدة، مثل الأوركسترا الشرقية التي جمع فيها أكثر من 75 موسيقياً من الشرق الأقصى والأدنى، بينها «أرضنا الأم» و«أكثر الأصوات إشراقاً في العالم»، الذي يعد مشروعاً موسيقياً لنُصرِة السلام، وقُدِمت هذه العروض في محافل عريقة حول العالم، مثل قاعة أولمبيا في باريس، وغران تياتر ديل ليثيو في برشلونة، إضافة إلى الشرق الأوسط مثل الشارقة وأبوظبي في الإمارات العربية المتحدة، وحصل أخيراً على لقب «سفير يونيسكو للسلام العالمي».
يُذكر أن مسرح «إثراء» يحظى بتصميم أوبرالي يضم 900 مقعد، على مساحة تقدر بـ10 آلاف متر مربع. ويهدف إلى تنظيم 30 عرضاً محلياً وعالمياً سنوياً، تشمل العروض المسرحية، والسيرك، والدمى، إضافة إلى العروض الموسيقية المتنوعة.
وتم تصميم المسرح بارتفاع على امتداد ثلاثة مستويات بالتدرّج جهة مقاعد الجمهور، لتنتهي عند الشرفة المرتفعة التي صُمّمت بأسلوبٍ يتضمن مشاهدة واضحة لخشبة المسرح، وتصل الطاقة الاستيعابية للشرفة إلى 174 مقعداً، فيما يصل العدد في الشرفة الثانية إلى 158، والثالثة إلى 196 مقعداً. ويوفّر المسرح مساحةً مخصّصةً لمساعدة ذوي الاحتياجات الخاصة في الوصول إلى مقاعدهم.
ويهدف المسرح إلى تقديم الأفضل من الثقافات العالمية لجمهور المملكة، إذ يستمر المسرح في تقديم برامجه عبر مجموعة من العروض الموسيقية والمسرحية الإبداعية من أماكن مختلفة حول العالم، مثل: اليابان، والنمسا، وروسيا، والهند، والعراق، وفرنسا، والمغرب، وألمانيا، والولايات المتحدة الأميركية، إضافة إلى السعودية، ويسعى إلى تقديم عروض مسرحية عربية من تطوير وإنتاج المركز، فيما سيشهد عام 2019 أول مسرحية من إنتاج المركز تتحدث عن التاريخ العربي.