ديوان رسومات”..
وهي “لوحات” تقرب الى “النوتات”..
والحاضر معرض في “أتليه”
(أوصل لي الفنان – مشكورا- “فيديو” عنه).
المعرض أقيم في القاهرة .. وديوان الرسوم طبع في الإمارات ..
( رؤية وحياة – أربعون عاماً من الألوان- الناشر غاليري الإتحاد للفن الحديث –2024 ) وكلاهما يقودان المتابع الى فكرة قوامها “التأمل” في العمل الفني، والإبحار معه باعتباره “عالم” تشتبك فيه الرؤى والتأويلات، وتحيلنا موجوداته الى منازل تصويرية، هي أحاسيس المنتج – الرسام ، منعكسة على ذاته، أولاً، ومنعكسة على ذات المتلقي، ثانياً.
فلوحات “نصير شمّه” في حقيقتها “نوتات لونية” مدغمة التكوينات، وكأنّ هواجسه قد تعرّضت إلى “هزّة” موسيقية ، أصيبت على إثرها بـ”تسونامي”، فامتلأ سطحه التصويري بتشظّي المرئيات، وتداخلاتها اللونية، في تواشج خفيّ بعيد عن “التكوينات” المحكومة بـ(الزمان) أو (المكان)، أو مضامين الأيديولوجيا، ومدارس “الإنشاء” لأغراض التسويق !!
فالتكوين لديه هو “اللون” وتداخلاته، وبما يحمل من ثراء فنّي، يعطيك فكرة أن لكل لوحة منطوقها الجمالي الخاص بها، وأنت من يحدّد المنهج أو الإسلوب .. فليس من خطوط، أو أشكال هندسية، أو طبيعة مجسّدة. بل حرية تامة في ابتكار المحتوى وتأويل المضمون. وأقول (ابتكار) لأنّ (الشكل) في رسومات نصير هو الأثر الفني الذي يجب ان يتبعه المتلقي، وفي ضوء معياريته يحدّد الموقف.
أهذا ممكن ..؟
مع نصير نعم.
لأن صيرورة “الرسّام” هنا مع “الموسيقار” رمز إبداعي واحد ننظر إليه من خلال النوتة – الفرشاة، وليس من (فراغ) بينهما، باعتبار الفراغ عنصر تقني مهم في الرسم، كذلك ليس عبر إحالة الى آلة موسيقية أخرى، فالموسيقار كيان مستقل وليس فردا في جوقة.
نصير في قراءاتي له، ومعرفتي العميقة به، ليس رساماً فقط . وأنما هو موسيقى، وشاعر، وكاتب سيناريست، وداعية لمواقع مبهرة ( فيلم الأهوار مثلاً مع صلاح أبو سيف).حتى ليمكن القول، أن “بن شمّه” يبحث عن خلاصه النفسي في إقامة مهرجانات متداخلة، محاولاً النجاة من خلالها من محاصرة “القطعة الموسيقية” التي لم يأت أوان تأليفها حتى الآن، فنتذكر ما قاله الشاعر التركي العظيم ناظم حكمت (..أجمل القصائد.. تلك التى لم أكتبها بعد)، فسلطانة الآلات، “كما يُسمّى العود” لم تزل تخبّي له الكثير من الأسرار في حمّالة الألوان palette .. وتقسّم رؤاه بين “التأمل” وقوامه الفكري، وبين الجمالي الذي يترجمه المنتج “البصري” الى واقع.
بلا إدعاء يمكنني القول أن لوحات نصير شمّه هي بالنسبة لي (نصوص بصرية) أو (مسرودات جمالية) يخلقها الفنان ويستنطقها، في توقه للوصول الى “المطلق”الذي فتحت لنا آفاقه الأوتار، والفرشاة، فحلّقنا معه عبر معرض القاهرة، ووثيقة الـ 40 عاماً من الرؤية والحياة.
المصدر: الزمان
Comments